Tuesday, March 15, 2016

يوميات باريسية من باريس يكتبها الاستاذ أمين بنعبيد

ملف الصحراء لا يدبر بالريع وشراء الذمم والمقاربة الأمنية وتحريك الشارع عند النكبات... و 
وضعه على طاولة الأمم المتحدة أ ليس خيانة عظمى للوطن ؟؟
غريب أمر مخزننا كلما تلقى صفعة قوية في قضية الصحراء المغربية كلما دفع بالشعب إلى الشارع للندب والنواح ، والتجريح والتخوين ، و استنكار مواقف معادية لوحدتنا الترابية غير مستندة للشرعية الدولية .

إذا كان المخزن لا يثق في عدالة الأمم المتحدة ، و متشبت بوحدته الترابية ، فلم  قبل بعرض النزاع عليها اصلا ؟
 المخزن ارتكب ولا يزال أخطاء قاتلة في تدبيره لملف الصحراء ، بل إن قبوله دون قيد أو شرط ودون استفتاء شعبي  بعرض هذا الملف على أنظار الأمم المتحدة  أليس خيانة عظمى للوطن ، جرأت خصومنا الدوليين على التشكيك في مشروعية قضيتنا الأم وعلى حشد الدعم الدولي للجمهورية الوهمية حتى صار الملف منذ تدويله مصدر تهديد وابتزاز دوليين للمخزن ، و أجج أطماع عصابة البوليزاريو التي مآنفكت تلوح باسطوانتها المتهالكة " الإستقلال أو الحرب " بعد أن كان الحكم الذاتي أقصى ما تحلم به صنيعة الجزائر قبيل سنة 1986؟؟
إن النكسات المتوالية التي تعرفتها قضيتنا الوطنية ، والضربات الموجهة التي تلقتها ديبلوماسيتنا " الفعفاعية " ، آخرها التصريحات الإستفزازية المنحازة لأطروحة الإنفصاليين من لدن الأمين العام للأمم المتحددة بوصفه الصحراء  بالمحتلة ، والمهددة للسلم والإستقرار بالمنطقة التي يتربص بها الدواعش الدوائر ، متجاهلا ما يفرضه عليه الميثاق الأممي من نزاهة وحيادية وموضوعية تامة في التعاطي مع النزاعات الدولية ، إنما مردها إلى التدبير اللاديمقراطي و اللاشعبي لهاته القضية التي أغنت جيوب المخزن ، وأفقرت المغرب والمغاربة على مدى العقود الست الأخيرة ، تدبير بيروقراطي ارتجالي لا يستند إلى رؤية استراتيجية شاملة ذات ابعاد ديمقراطية وحقوقية واجتماعية ، بل يعتمد الريع وشراء الذمم ، والمقاربة الأمنية ، وتحريك الشارع عند النكبات مع شحنه بالخطاب الشعبوية و الفلكلورية .
قبل أن نوجه اللوم للغير ، ونزج بالشعب في أمر ما برح يدار بعيدا عن عيونه لأزيد من ستين سنة ، علينا أن نقدم على نقد ذاتي موضوعي و صادق لطريقة تدبير ملف الصحراء المغربية ، وأن نطلق نقاشا شعبيا عموميا يستهدف بلورة استراتيجية وطنية واضحة المعالم والأهداف من شأنها تقوية ملفنا الذي تكالبت عليه حتى دولا كنا نعدهم بالأمس القريب من الحلفاء ، وهو ما حدا بالملك ، استشعارا منه  بالأخطار الطارئة المحدقة به ، إلى ان يولي وجهه شطر موسكو " التي قدمت للمغرب خدمات غير معلنة ومنها ما كشفته وثيقة للدبلوماسية المغربية كشف عنها كريس كولمان الذي سرب وثائق ، ما بين سبتمبر 2014 و مارس 2015 ، تؤكد أن سفير روسيا في مجلس الأمن هو الذي أخبر المغاربة بأن الأمم المتحدة كلفت مغاربة بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء. وهناك خدمات أخرى لم تعلن حتى الآن " ، وفق ما نشرته جريدة القدس أول أمس الأحد .
طبعا ، النقد والنقاش العمومين سيسعفان الساسة على وضع الأصبع بالتدقيق على السرطان الكامن في ملفنا الوطني ، فيهبون إلى استئصاله قبل أن يستفحل سرطانه ويخرج عن دائرة السيطرة ، و لن يجدي معه نفعا  العويل و الصراخ في وجه أسطول الأمم المتحدة. ويرحم الله إمامنا الشافعي إذ قال:
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيبٌ سوانا
ونهجو ذا الزمانَ بغير ذنبٍ ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليسَ الذئبُ يأكلُ لحمَ ذئبٍ ويأكلُ بعضنا بعضاً عيانا

No comments:

Post a Comment