Saturday, May 4, 2013

“طيبيبط” : الطائر المحترم الذي شغل بال المراكشيين …

“طيبيبط” : الطائر المحترم الذي شغل بال المراكشيين …

تعتبر “طيبيبط” الطائر الأكثر شهرة في مراكش،ولدى ساكنة هذه المدينة،ولاينافسها على عرش النجومية بالمدينة، سوى المواقع الأثرية، والفنان حميد الزاهير، وعيطة “مليكة المراكشية”، وفرق الدقة، ونكهة الطنجية اللذيذة،ورمزية العتاقة التي تختزلها المدينة البهجاوية بقبابها الوارفة، ومزاراتها الروحية، وأسواقها الملتوية والتليدة،وفرقها الفلكلورية، وذلك ليس فقط لأن المدينة الحمراء إرتبطت بهذا الطائر الصغير،وصار إيقونة مميزة من إبقوناتها الطبيعية، وهي تمنحه الكثير من سحرها وغرابتها الدافقة وقدسيتها الصوفية، بل أيضا لكون الطائر الصغير ظل منذ الأزمنة البعيدة قابعا في معظم الحكايات التي ترويها الجدات والأمهات لبناتهن وأبنائهن الصغار، وترددها الأقاصيص والأحجيات من هنا وهناك في خطوات تأخذك نحو عوالم سردية من الغرابة والعجائبية، لايضاهيها في ذلك، سوى الحكايات الأخرى، التي تروى عن الفرسان، واللصوص، والرعاة، و الأولياء والصالحين من رجالات مراكش السبعة، وغير هؤلاء السبعة.
  ولأن طائر “طيبيبط “عصفور دوري مشاكش من فصيلة الشحروريات يرتبط… بالشغب المنزلي والتلصص والخفة والظرافة، فإنه يتوحد مع الذاكرة الجماعية التقليدية لساكنة مدينة مراكش، حيث لايكاد يخلو منزل عتيق بدروب المدينة أو رياض فسيح أو برج قائم أو مزار هادئ من أعشاشها تماما كما هو شأن طيور الأبابيل التي تتقاسم معها فضاءات وأجواء بلاد سبعة رجال، وتفوقها على مستوى السياسة الإستيطانية في أبراج المدينة، وشوارعها وحدائقها ومنشآتها الحديثة وأحيائها العصرية وحاراتها العتيقة، وسقيفاتها اليانعة التي ما زالت تحتفظ رغم مرور مئات السنين بطابعها التقليدي القديم، ونظراً لقدرة “طيبيـــط” على التأقلم مع الظروف الطبيعية المتفاوتة لمراكش، والتي تعرف حرارة مفرطة في الصيف وبرودة صقيعية في الشتاء، فإنها تتقاسم مع الأبطال في الأساطير والقصص حيزا كبيرا من الصبر والمتعة والمغامرة.
وتقدم “طيبيبط” نفسها مثل طائر أسطوري،قابع بين سطور الملاحم والأهازيج الشعبية،وأغاني النساء، وأناشيد الرعاة، تواجد يتوازى مع خفقة أجنحته بين الشرفات وتحت الآرائك، وفوق الأغصان المتعرشة في البساتين والعروش المنسدلة من الشرفات، وعلى درابيز المساكن العتيقة، ، وتتمدد طيبيبط في حضور بادخ  مابين شجيرات الرياضات التليدة في مدينة البهجة، إلى أقدام الأطلس الخالد، ومناطق الدير في تازارت وسيدي رحال وبراري زمران والمنابهة، وسهول الرحامنة، ومن مراتع حوض تانسيفت في شيشاوة وسيد المختار إلى ضفاف نهر أم الربيع الهادرالمائي الكبير.
وشخصيا فأنا لا أزال أذكر الشرقاوي “مول الحمام” يرحمه الله، وهو أشهر هداوي مجدوب عرفته ساحة جامع الفنا، إلى جانب صديق مساره الضرير، كيف أمتع الآلاف من زوار الساحة المغاربة والأجانب، طيلة عقود بسردياته وأقاصيصه المروية على لسان الحال، وكلام الغيوان، قبل أن يرحل عن دنيانا مؤخرا في صمت من غير أن يلتفت إليه أحد، بما فيهم شيوخ الحلقة…
“أشمن شيوخ” يقول المدني الرحماني ، وهو ينظر إلى مشاكسات عصافير “طــيبيبط” على أوراق اللبلاب المنسدلة من سطح رياض الحاج المسفيوي .
المهم! الشرقاوي مول الحمام، كان ينسب دائما الطيور والحيوانات إلى أماكنها المغربية الأصيلة، في فسيفساء قبلية جميلة،تختزل التنوع داخل الوحدة الذي تزدان به المملكة، ويطبع فرادة الوطن،فالغراب في نظره حوزي، و”بلارج” دكالي، و”لحدية” سرغينية، أما “عوا”فهي صويرية، غير أن “طبيبط ” فهي عصفورة فقيهة،ومباركة.
وهذا في واقع الأمر يجسد ما يتمتع به هذا الطائر من تقدير وإحترام لدى المراكشيين وساكنة حوض تانسيفت، حتى أن الحكايات المتواترة تردد أن كل من يعترض أو يلحق الأذى بطيور”طيبيبط” يصاب بالعمى…أوتصاب عينيه بالرمد، فيكون مصيره المحتوم، الرقود في سرير بقسم طب العيون في “سبيطار لخميس”.
في حين يؤكد مهتمون وعلماء محليون أن للعصفور الدوري”طيبيبط” منظراً مألوفاً، وتواجدا ملحوظا حول القرى والحدائق والمنازل والمداشر في كل ربوع وادي تانسيفت،وجوانبه.إذ ينتشر تقريبا في كافة أرجاء الجهة، ولكن بنسب متفاوتة حيث يستطيع أن يتجانس تلقائيا مع المناطق المأهولة بالسكان بسهولة، ويندر في الأماكن المرتفعة على غرار مرتفعات أوريكا وجبال أوكايمدن وتلاع أمزميز وقمم إيجوكاك وويركان وبالنسبة لتواجده في حاضرة مراكش يستوطن غالبا الدور القديمة والبنايات العتيقة، حيث تصدر عنه أصوات محتشمة متقطعة وكثيرة عبارة عن نبرة ترددية واحدة،تلخص إسمه لدى المراكشيين،”طيبيبط” .
والحق، أن هذا العصفور كان قد بدأ في الإنتشار ببطء بالمناطق الجنوبية خاصة بشيشاوة حتى أصبح الآن يقترب من الصويرة لينافس طيور النورس في حضورها بمدينة الرياح، ويمكن بسهولة رؤية أعشاشه غير المتسقة التي تشبه كرة مقطوعة لنصفين من الأعشاب، التي تشاهد عادة بارزة خلف أغطية المكيفات في ثقوب الأسوار وشرفات الرياضات وفناءات الجوامع، وعلى أعالي الأشجار الوقورة و المتوسطة الإرتفاع في معظم القرى.
وخلافا للمأثورات الشعبية،والأساطير  والمتعارف عليها لدى أغلب ساكنة حوض تانسيفت، من أولاد الرحامنة وقبائل مسفيوة،وأهالي السراغنة في كون “طيبيبط” مراكشية أصلا وفصلا، فإن معظم العلماء المختصين في الطيور يعودون بأصولها إلى جزر الكناري وماديرا .
نـــــعم ،  جزر الكناري وماديرا.
الإعلامي البارز والكاتب المتميز الأستاذ محمـــد القنـــور
’’مراكش تايمز’’marrakehchtimes  منبر لمن لا منبر له, و صوت لمن لا صوت له, و ظل لمن لا ظل له, موقع الدراويش     ...أبشاخخخخخخخخخخخ .. لوزززززززززز
كاتب مدون و ناشط  حقوقي مستقل ولد الشعب.
البريد
*****  

No comments:

Post a Comment