Thursday, November 27, 2014

حوار حصري مع مؤلف كتاب"أحاسيس قرية أمازيغية الحياة اليومية بايت عبدي " بإقليم الحوز

أجرى الحوار ذ. محمد كوحلال فضاء الجمعيات تحناوت إقليم الحوز 
كنا على موعد مع الباحث و الأكاديمي النرويجي الدكتور :  
  رئيس فضاء الجمعيات الأستاذ الجعيدي Aygren       من اليمين الأستاذ عتابي الدكتور

أستاذ باحث بجامعة هامر  بأوسلو النرويجية ، بداية الحوار كانت حول فكرة كتابة مجلد حول
إحدى دواوير إقليم  الحوز، المعروف بنمطه الشبه القروي، من حيت تواجد عدد كبيرا من الدواوير المتفرقة ، و أيضا بتضاريسه الصعبة حسب خبراء  الجغرافية.
حضر الضيف النرويجي إلى مراكش مجرد سائح يبحث عن لطف طقس مدينة تعتبر عاصمة العالم سياحيا، ليسقط في حب مراكش  و من خلالها أخذه الشوق إلى اكتشاف المناطق القريبة من مراكش ، ليجره اقليم الحوز، بطبيعته الخلابة الجميلة كالمغناطيس، و من تم قرر الإقامة بشكل شبه دائم بمراكش، والتنقل بين دواوير الحوز، ليجد ضالته بدوار ايت عبدي بعيون باحت أكاديمي من العيار الثقيل.
 دوار ايت عبدي التابع لنفوذ قيادة التوامة،  بمدينة ايت اورير. وعلى لسانه يقول ان جمال المنطقة و تربع الدوار بشكل  عجيب مدهش فتان ،على سفح الجبل  يعجز اكبر رسام على رسمه، و لن يقدر كبير الشعراء على وصف تلك القرية الفتانة بموقعها الجذاب و تربعها  ببين الجبال.
و يضيف من خلال تجواله بين ربوع الدوار ، تعرفت على سكانه.  و كانت البداية مع فاعل جمعوي وهو نفسه احد أبناء الدوار،  في إشارة إلى الأستاذ عمر عتابي ، و هو نفسه رئيس جمعية " تيدوكلة " المشهود  لها بأنشطة تعود على ساكنة الدوار بالخير من تنمية إلى محاربة الأمية.
 أنشطة كلها تعود بالنفع ، و  لقاء الدكتور مع ابن الدوار،  الفاعل الجمعوي المثقف، أمر شجع الضيف النرويجي على طرح فكرة كانت تخامره وجدانه من خلال تدوين مجلد يعرف بالمنطقة و بأهلها و عاداتهم.
  يضيف الدكتور الانطلاقة الأولى لشرارة المشروع  سيصل مدها إلى عاصمة السلام أوسلو  من خلال مجلد من النوع الرفيع العالي الجودة، من حيت نوع الورق، و الغلاف و أيضا الصور بعدسة مصورة إعلامية شهيرة.
وعن سؤالنا حول مداخل المجلد،  كان الرد سريعا و جميلا و طيبا مثل صاحبه، حيت أكد لنا  ان المداخل  سوف تخصص لتنمية المنطقة  وبناء مشاريع تعود بالنفع على الساكنة.
 اتفق الاثنان الضيف صاحب القلب الطيب، و ابن الدوار الغيور على منطقته وأهله و عشيرته الأستاذ عمر عتابي على البدء في المشروع الإنساني النبيل الذي سيخدم ليس فقط المنطقة بل إقليم الحوز بكامله، هذا ناهيك عن صورة المغرب خارج الحدود ، فسوف تندهش العيون الأجنبية ، وحتما ستتغير  النظرة للبعض حول المغرب.
فليس هناك مغرب مهمش،  و آخر غير مهمش، و ليس هناك مواطن درجة أولى، و آخر درجة ثانية, فالجميع  سواسية بالحواضر و القرى.

بمكتب رئيس فضاء الجمعيات 
عاد الضيف إلى مسقط رأسه،  ليضع فكرة المشروع أمام أنظار كبار الباحثين و الأكاديميين  المختصين  في مجال علوم الاجتماع ، بكل فروعه من كل الأقطار الاسكندينافية  فانطلقت عربة المشروع بثبات و عزيمة كبيرة وحماس كطلقة مدوية في صدر عدو.
المشروع يضيف الضيف، استغرق ثلاثة أعوام  بالتمام و الكمال، ممتنا  بشكل كبير  إلى الأستاذ عتابي ، و رئيس فضاء  الجمعيات  بالحوز ، الأستاذ عبد اللطيف الجعيدي، و كل أعضاء الفريق القادم من الدول الباردة، في أقصى شمال القارة الأوروبية ، فحرارة المشروع الأكاديمي ، أنستهم برودة اوسلو و ستوكهولم و كوبنهاكن و غيرها عواصم  الدول الاسكندينافية.
أي أن العمل كان جماعيا ليأخذ في نهايته لبوس ملحمة, ويقول الدكتور ان هذا المجلد ليس الغرض منه فقط التعريف بالمنطقة، أو للترويج السياحي للإقليم بأكمله.  بل هناك أهداف جمة و أسمى، فعملنا كباحثين أكاديميين يندرج في المقام الأول التعريف بعادات الناس و ثقافتهم و أعرافهم و الأكثر من هذا الوقوف على مشاكلهم. و يضيف في سرده الجميل الذي يقطع الطريق كليا على داء الملل.
 العمل الأكاديمي الصرف،  كان يهدف أيضا  تنمية الدوار، و البحت عن سبل إسعاد الساكنة هناك،  من خلال خلق أنشطة تعود عليهم بالنفع، و معرفة مستوى التلاميذ حيت وقفنا على حالة ثلاثة تلاميذ من الدوار،  احدهم يتابع دراسته بتفوق كبير جدا،  و ملحوظ و آخر بشكل متوسط ، و ثالثهم يجد صعوبة كبيرة في استيعاب دروسه.
 كانت الفكرة أن قمنا بجمع التلاميذ التلاثة تحت سقف بيت واحد على أن يتكلف التلميذ النجيب بمساعدة زميليه.
نسخة  من مجلد " أحاسيس قرية امازيغية  الحياة اليومية بايت عبدي "
 هذا فقط نموذج في ما يخص التعليم ، لأن له أولية كبيرة بالنسبة لنا ، لأننا لا نريد أن يكون التلميذ بالحواضر أفضل من مواطنه بالقرى.
 فالمغرب وفر كل الشروط حتى يتابع أبناء القرى و خصوصا التلاميذ اللذين يقطنون بأعالي الجبال دراستهم، شانهم شان باقي زملائهم بالعالم القروي خاصة السهول.
من جهة أخرى ابلغنا الضيف الطيب ، أن المشروع ساهم فيه بعض الباحثين من جامعة القاضي عياض بمراكش.
يضيف الضيف الكريم، عملنا لم يكن تحت سقف  الجامعات بجامعة هامر أو غيرها، بل عملنا كان ميدانيا و البحث الأكاديمي الناجح ينطلق من الميدان ، حتى تكتمل شروط نجاحه. و من خلال عملنا تعرفنا على كل ساكنة " ايت عبدي " والحالة التي يعيشها كل  فرد، وكيف  يقضي يومه صغارا و كبارا.
حقا لقد عشت اسعد لحظات حياتي بهذا الدوار، ولاحظت المحبة التي يكن هؤلاء لوطنهم، و لمواطنيهم و حتى للغرباء اللذين لا يتكلمون لغتهم. وهذا حقا من بين الملاحظات الجميلة التي دونتها ، هو التعايش الجميل الحاصل بين السكان.
و عن سؤل حول العمل الجمعوي،  و دوره في انجاز المجلد ، أكد لنا الدكتور أن المجتمع المدني بالدوار، كان متجاوبا و فعالا و متعاونا، و لا ننكر إطلاقا مجهودات الشباب، و حماسهم على تقديم كل المساعدات لانجاز المشروع، الذي سوف يكون تحت أنظار كبال الباحثين و الإعلاميين بالنرويج، وأيضا السفراء المعتمدين لدى المملكة  النرويجية .
أملي يضيف الضيف ، أن يكون دوار ايت عبدي نموذجا يؤخذ  به ، ويكون الانطلاقة لتنفيذه على باقي  الدواوير الأخرى بإقليم الحوز، من خلال انجاز مشاريع تنموية ، و اجتماعية من خلال أنشطة تبعد الملل عن الشباب و الأطفال ، واقتصادية من خلال خلق مشاريع لرفع مستوى معيشة الناس هناك.
 هذا هو هدفنا اجتماعي أكثر منه أكاديمي علمي ، فعندما ننهي كل هذا الكم الكبير من الأعمال المبرمجة لدينا ، سوف نساعد  باقي الجمعيات بالدواوير الأخرى على اخذ النموذج من دوار ايت عبدي لتطبيقه، و أنا دوما على استعداد لتقديم أي شيء يعود بالنفع على ساكنة  هذا الإقليم الجميل، الذي خطف لبي، ليس فقط بجمال طبيعته الخلابة، و لا طقسه الجميل،  فهناك دول لها مناظر طبيعة ، وطقس جميل ، لا تزيد و لا تقل جمالا عن بلدكم ، لكن  السبب الحقيقي لحب للمغرب ، هو لطف أهله و نخوتهم و عزتهم و لطفهم، و عفويتهم  و كرمهم وتكافلهم و تعاونهم فيما بينهم . هذه مجموعة من الأخلاقيات الإنسانية  انعدمت كليا بالعالم المتحضر،و لم تعد تذكر في عالمنا اليوم ، لان العالم اليوم صار ماديا ، أما هنا فالعالم جميل او نساني نبيل .
أنا سعيد غاية السعادة لأنني اقطن بمراكش التاريخية العريقة الضاربة في جذور التاريخ  العريق و الحوز الذي يتربع على جباله العالية قرى غاية في الجمال، وما يزيد جمال المنطقة هم أهلها الطيبون.
 اكتملت فرحتي كثيرا عندما نشر الكتاب ، و كانت أول نسخة و ضعناها  أمام أنظار السكان فكانت فرحتهم كبيرة ، و أحسست حينها بشعور غريب، ونزلت دموع باردة غطت عيناي من شدة الفرح.
 فطعم النجاح لا يحس بنشوته إلا من دق قلبه هذا الشعور الجميل، لقد أحس الناس بغبطة كبيرة و كانوا يتهافتون على رؤية صور دوارهم باعتزاز و فخر كبير يعادل قرص شمس في كبد السماء.
حقا دلالة عنوان الكتاب أحاسيس  قرية من قرى إقليم الحوز، إنها فعلا أحاسيس صادقة  أحسسنا بحبهم لنا ، و هم أحسوا بحبنا لهم ، فتبادلت الأحاسيس و صارت جياشة ، و كنا أفراد أسرة واحدة ، لا فرق بين ابن دوار ، و آخر قادم من إحدى الدول الاسكندينافية.
الضيف يأخذ نفسا عميقا ، و فترة صمت ليكمل حديثه :
حقا إنني سعيد لأنني اكتشفت حياة جميلة،  لم أعشها قط طوال حياتي بالمغرب، و خصوصا بإقليم الحوز .
و عن سؤالنا هل هناك حلم يرغب في تحقيقه، كان الجواب سريعا :
" حلمي الكبير أن يكون دوار ايت عبدي نسخة طبق الأصل لباقي الدواوير بإقليم الحوز. و لن أدخر جهدا حتى تصبح كل قرى الحوز سواسية ، بالسهول و الهضاب و الجبال .
 هو حلم صحيح، لكن ليس من الصعب تنفيذه ، فكما نجحت التجربة الأولى ، حتما سوف تنجح التجربة بباقي تراب الإقليم.
 فالتجربة الأولى كانت حلما و تحققت ، ومن له الإرادة و العزيمة القوية، حتما سيصل إلى مبتغاه و سيتحول الحلم إلى حقيقة ..
إنني لا أومن بالمستحيل، فان كان المرء  مسلحا بالعزيمة ، ومحاطا بأناس  لهم نفس الطموح ، و هذا ما وجدناه في دوار ايت عبدي بصغاريه، و كباره، و أيضا من خلال الفريق الذي عمل على انجاز المشروع.
في نهاية الحوار الطويل، و الممتع والشيق ، اخبرنا الضيف العزيز المثقف و المهذب، و المؤدب انه زار صباح اليوم ، عامل صاحب الجلالة بإقليم الحوز السيد يونس البطحوي رفقة رفيقه الأستاذ عتابي حيت قدم تعازيه الحارة بخصوص ضحايا الفيضانات التي ضربت بلادنا،  و أيضا أكد لممثل الملك،  أن الشعب النرويجي  الصديق ،حكومة و شعبا  يواسي شعبنا في محنته, و أكد لنا معلومة سبق لنا ذكرها في مقالنا الأول تجدون الرابط في نهاية الحوار.  انه يشكر شكر خاض عامل الإقليم الاستاذ يونس البطحوي على مجهوده الكبير  لانجاز المشروع و متابعته لكل أشواط  عملنا.

 
خلال لقاء سابق بين السيد عامل الإقليم  والضيف العالم النرويجي الكبير 
كما أكد لنا انه يوجه شكر خاص إلى " جمعية تيدوكلة " التي  قامت بمجهود كبير جدا .
قبل أن ننهي الحوار الجميل،  وجهنا سؤال بلبوس سياسي صرف ، حول رأي الضيف  حول ملف وحدتنا الترابية.
 فأكد لنا ان الشعب النروجي قاطبة و حكومته،  يؤيدون بشكل كامل و غير مشروط مغربية الصحراء.  لكن كنا نلح على أن الدول الاسكندينافية  تعتبر معقلا كبير لأعداء وحدتنا الترابية.
 فكان الجواب صادقا و صريحا للغاية ، فالأمر ، حسب تعبيره ، يعود إلى الضعف الكبير الذي يعاني منه بعض شعوب تلك المنظومة  الاسكندينافية من خلال  التغليط التي تمارسه بعض الوسائل الإعلامية ، لكن في ما يخص بلدنا النرويج،  فالصحراء مغربية، و لا نقاش في الأمر، وعلاقة بلدنا مع المغرب علاقة متميزة و عريقة جدا.
Par Aygren   كلمة أخيرة دكتور                                                                   
أحببت المغرب بلد الحضارات المتنوعة كالفسيفساء، بلد تعدد الثقافات و اللهجات.
كان   يتوقف بين الحين والآخر ، و كأنه تائه في صحراء،  يجد صعوبة في اختيار العبارات المناسبة ، لأنه حتما  مصاب بحيرة.
هل يتحدث عن جمال و تاريخ  المغرب ، أم يروي مجد مراكش و مجدها العريق، أم يصف ما عاشه ثلاثة أعوام بقرية تتربع بنخوة  فوق جبل سحرته ؟.
 أحسست بوجدان ضيفي العزيز الغالي ، و ما كان لي إلا هنأته بحرارة و شكرته،  و إذا بي أصاب بنفس العدوى، و عجزت عن إيجاد كلمات الشكر، والأمر طبيعي،  فعندما تجد إنسانا يقوم بعمل جميل جدا من اجل اعز الناس إلى قلبك، و إلى وطنك فانك ستصاب بنفس الشعور. أي نعم .. و بكل تأكيد ...
حقا الضيف قدم درسا كبيرا لمن لا يعمل على خدمة وطنه ، ولقن درسا عظيما في حب الإنسان للانسان و الحياة، و تقديم العون لمن يستحقه، والعيش على بساط  التكافل.
 قبل توديع الضيف أكد مرة أخرى شكره الخاص لرفيقه الوفي الأستاذ عتابي و أيضا رئيس فضاء الجمعيات بمدينة تحناوت ، و إلى زملائه الذين تحملوا تعب السفر لانجاز المشروع، أو الملحمة الإنسانية ، و أيضا شدد كثيرا على حسن و لطف رجال  السلطة،  و خصوصا عامل الإقليم الذي ساعد بشكل كبير على خروج الحوز إلى عاصمة السلام العالمية أوسلو الباردة بطقسها ، والدافئة بلطف أهلها ضيفنا  أنموذجا.
باسمكم أيها السادة الأفاضل و الفاضلات،  أجدد شكري الخاص  لكل من ساهم في انجاز المشروع العظيم الكبير " أحاسيس قرية امازيغية  الحياة اليومية بايت عبدي " مع أسمى تحياتي و تقديري.
إلى اللقاء
لمن فاته الجزء الأول إلى اللقاء
"""""""                                      
’’مراكش تايمز’’ منبر لمن لا منبر له, و صوت لمن لا صوت له, و ظل لمن لا ظل له, موقع الدراويش و الله الموفق و السلام عليكم.
ذ محمد كوحلال كاتب مدون ناشط حقوقي مستقل مراكش المملكة المغربية
للاتصال :

No comments:

Post a Comment