يبدو أن
الأنظمة الخليجية لم تعد تعبر عن نبض شعوبها، ففي الوقت الذي تستجيب فيه الشعوب
العربية مسرعة لدعوات المقاطعة مع الكيان الصهيوني، الذي لا يألو جهدًا في ارتكاب
المجازر ضد الشعب الفلسطيني ويقوم بعمليات تهويد ممنهجة ضد المقدسات الإسلامية في
الضفة الغربية والقدس الشريف، ويمول ويخطط لاضطرابات الأوضاع داخل الدول العربية،
نجد أن الأنظمة الخليجية تسرع الخطى لإقامة علاقات اقتصادية متنوعة مع ذلك الكيان،
بعضها معلن، والكثير منها يتم بشكل غير مباشر عن طريق وسطاء دوليين، بعضها دول
وأحيانًا أخرى أفراد أو شركات عالمية.
إسرائيل
المورد الرئيس لقطع غيار معدات عسكرية سعودية
تفاقم أمر
التطبيع إلى أن وصل لدرجة أن تصبح إسرائيل المورد الأساسي لبعض قطع الغيار الخاصة
بالآليات العسكرية الموجودة في السعودية، والشريك الأول في العديد من المشاريع
الاقتصادية العملاقة في الإمارات، والكتلة الثالثة في حجمها للبضائع الإسرائيلية
في الشرق الأوسط، ولم تتحرج دول الخليج عن إعلان أن حجم التجارة بين إسرائيل
ودولها يزيد على 500 مليون دولار سنويًا، وهذه الإحصاءات لا تسري على البضائع التى
لا تحمل الشارات الإسرائيلية وتدخل الأسواق الخليجية عبر وسيط ثالث، مما يؤكد
حقيقة أن الاقتصاد الخليجي يستفيد منه الأعداء وليست الشعوب العربية.
الملك سعود
أول من طبع مع الكيان الصهيوني
أجمعت
الدراسات السياسية والتاريخية أن التطبيع الخليجي الذي يرتدي غطاء سريًا؛ ممتد منذ
أكثر من 68 عامًا وبالتحديد منذ عهد الملك سعود عندما التقى الرئيس الأمريكى «روزفلت»،
وأثمر هذا اللقاء عن تحالف مريب يتخذ غطاء أمريكيًا لخدمة الصهيونية العالمية التي
تعتبر إسرائيل المكون الرئيسي لها.
وحسب مركز
الزيتونة للدراسات كانت خطوة التطبيع الأبرز مع إسرائيل حتى الآن هي نشر السعودية
في العام 1982 «مبادرة فهد» والتي تخلت فيها السعودية، على الأقل علنياً، عن
سياستها التي رفضت حتى ذلك الحين حق دولة إسرائيل في الوجود. أما مبادرة السلام
التي أطلقها الملك عبد الله والتي تبنت الجامعة العربية لاحقاً صيغة معدلة منها
باسم «مبادرة السلام العربية»، فذهبت خطوة إضافية ووعدت بالتطبيع الكامل لعلاقات
العالم العربي مع إسرائيل والعالم الإسلامي، بشرط قبول إسرائيل بعدد من الشروط
بينها الانسحاب إلى خطوط العام 1967 وبلورة حل متفق عليه لمشكلة اللاجئين.
كما تعهدت
السعودية في العام 2005، كجزء من المفاوضات لدخول منظمة التجارة العالمية (WTO)، بأنها
ستلغي المقاطعة بالدرجتين الثانية والثالثة المفروضة على البضائع الإسرائيلية.
والواقع،
أن التجاوب مع المقاطعة من جانب الشركات الدولية تضاءل مع مر السنين، لكن التعهد
السعودي فتح نافذة للشركات الرائدة في عالم السيارات، الغذاء والإلكترونيات، التي
امتنعت حتى ذلك الحين عن إنشاء علاقات تجارية مع شركات إسرائيلية أو الاستثمار في
إسرائيل بسبب المقاطعة.
إسرائيل تقيم
علاقات طبيعية مع "10" دول عربية
وفي هذا
الصدد كشف وزير الخارجية الإسرائيلى سيلفان شالوم فى مقابلة مع صحيفة - الرأى
العام - الكويتية فى 18 أغسطس 2005، عن أن بلاده تقيم علاقات طبيعية مع 10 دول
عربية (بينها دول خليجية)، وأنها بصدد تطبيع العلاقات مع دول أخرى، وذكرت صحيفة - يديعوت
أحرونوت - الإسرائيلية فى 2 سبتمبر 2005 أن إسرائيل افتتحت ممثلية دبلوماسية
وتجارية لها في دبي، دون أن يعلن عن ذلك بشكل رسمي.
وأكدت
صحيفة "دي ماركر" العبريّة، نقلاً عن مصادر سياسيّة وصفتها بأنّها رفيعة
المستوى في تل أبيب، تزايد حجم التجاري مع دول عدّة من بينها السعودية، حيث لفتت
إلى أن عددًا من الشركات الإسرائيليّة تقوم بالتصدير إلى السعودية منتجات مختلفة،
بينها منتجات تكنولوجية، وذلك على خلفية العلاقات الجيدة بين السعودية والولايات
المتحدة، ويتم هذا الأمر عبر شركات فرعية للشركات الإسرائيلية المسجلة في الولايات
المتحدة، علاوة على قيام بعض الشركات الإسرائيلية بتوفير معدات للجيش الأمريكيّ في
السعودية، بينها شركة "رابينتكس" التي تبيع
السترات الواقية من الرصاص.
وبحسب
الصحيفة العبريّة، فإنّ هناك مجالاً آخر للتجارة بين إسرائيل والسعودية وهو مجال
تجارة الصناعات البلاستيك، مشيرًة إلى أنّ الدولة العبريّة تتلقّى من السعودية ومن
دول أخرى في الخليج مواد خام لصناعة البلاستيك.
وليست
عملية التطبيع مقصورة على السعودية فالإمارات تعتبر الآن ثاني أكبر دولة خليجية
تقيم علاقات اقتصادية مع إسرائيل، فحسب صحيفة هآرتس، تعتبر الإمارات من أهّم
الأماكن جذبًا للأعمال التجارية الإسرائيليّة، مشيرةً إلى أن جزيرة النخيل التي
جرى إقامتها في دبي تضمنت صفقات كاملة للطوب المعروف باسم القرميد وتنتجه شركة
إسرائيلية .
الصناعات
الإسرائيلية تدير مجال النفط في السعودية والإمارات
وأضافت
الصحيفة أنّ دولًا خليجية بينها الإمارات والسعودية حصلت على تكنولوجيا إسرائيلية
في مجال حماية حقول النفط، بل إن إحدى تلك الدول جلبت بالفعل عمالًا إسرائيليين
لهذا الغرض لمتابعة الأجهزة المستخدمة في مجال تأمين هذه المنشآت، هذا بالإضافة
إلى حصولهم على منتجات في مجال الطب والزراعة والمياه.
وتجدر
الإشارة في هذا السياق ـ حسب بعض وسائل الإعلام الامريكية والإسرائيلية ـ إلى أن
هناك شركات إسرائيلية تقيم علاقات متشعبة مع دولة الإمارات العربية، فشركة «إيماجسات»
وهي شركة متفرعة عن الصناعات الجوية، توفر لدولة الإمارات صوراً من أقمارها
الصناعية، وفازت «إيروناوتيكس» بمناقصة لتزويد دبي بطائرات من دون طيار.
دبلوماسية
إسرائيلية سرية في دبي
وحسب يؤاف
شتيرن مراسل صحيفة ها آرتس الصهيونية افتتحت "إسرائيل" في دبي مؤخرًا ما
سماه بعثة دبلوماسية سرية، يقدم العاملون فيها على أنهم رجال أعمال، مشيرًا إلى
الدور الذي يمكن أن تلعبه الإمارات لتسويق منتجات الشركات الاسرائيلية في مجال
التكنولوجيا العالية.
واعتبر أن
عدم الإعلان عن إقامة هذه البعثة الدبلوماسية يعود إلى تجنب الانتقادات من قبل
المعارضة الإسلامية والقومية داخل الإمارات لهذه الخطوة؛ لأنها تعارض أي تطبيع مع "إسرائيل".
علاقات
متوترة مع قطر بسبب الجزيرة
وتأتي قطر
في المرتبة الثالثة من حيث إقامة علاقات اقتصادية مع إسرائيل، إلا أن تلك العلاقات
يشوبها توتر شديد بسبب سياسات قناة الجزيرة المعادية لإسرائيل، فرغم أن قطر قد
أعلنت على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التى عقدت فى الفترة من 14
إلى 16 سبتمبر 2005 على لسان وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر خلال
لقائه بنظيره الإسرائيلى سيلفان شالوم، أن قطر معنية بإقامة علاقات دبلوماسية
كاملة مع إسرائيل، ودعوته شالوم إلى حضور المؤتمر الاقتصادي السنوي في الدوحة، إلا
أن التصريحات الشديدة المعادية لإسرائيل في قناة «الجزيرة» الفضائية، قادت إسرائيل
إلى قرار القطع التام للعلاقات مع قطر وإغلاق مكتب بعثتها الدبلوماسية في الدوحة
بشكل نهائي في مارس 2011، وفرض حظر على حاملي جوازات السفر القطرية، ووقف التعاون
بين قطر والصناعات الأمنية الإسرائيلية.
رجال أعمال
بحرينيون يرعون التطبيع
وفي إطار
تخفيف بقية دول المجلس من إجراءات الحظر الاقتصادي، التي كانت تفرضها على إسرائيل
تنفيذًا لقرارات الجامعة العربية بمقاطعة الدول العربية لإسرائيل، أعلنت مملكة
البحرين رسميًا يوم 19 سبتمبر 2005 عزمها إلغاء مقاطعتها الاقتصادية لإسرائيل،
وأشارت صحيفة عرب تايمز التي تصدر بالانجليزية إلى وجود علاقات تجارية بين إسرائيل
والكويت، يرعاها عدد من رجال الأعمال في البلدين.
عمان
تستفيد من الخبراء الإسرائيليين في الصناعة والزراعة
ولا يختلف
موقف سلطنة عمان عن بقية دول الخليج، إذ سبق ورسمت السلطنة منذ بداية السبعينات
لنفسها نهجًا متفردًا في التعاطي مع الصراع العربي الإسرائيلي تحكمه مبادئ المنفعة
والمصلحة السياسية، التي لا ترى بأساً في إقامة علاقات ثنائية طبيعية مع اسرائيل
والاستفادة من خبراتها واقتصادها، فقد ساندت السلطنة كل اتفاقيات السلام الثنائية
مع إسرائيل بدءًا من كامب ديفيد، وحافظت على استمرار علاقتها بمصر حين قاطعها
العرب، وساندت اتفاقية الأردن، ودافعت عن حق موريتانيا في التطبيع مع الكيان
الصهيوني، واستقبلت أول وفد إسرائيلي يزور دولة خليجية، وفتحت أرضها لرئيس الوزراء
الإسرائيلي اسحاق رابين ثم ذهب وزير خارجيتها إلى تل أبيب معزيًا فيه عندما اغتيل.
ولم تر الحكومة العمانية حرجًا في الاستعانة بخبرات إسرائيل في مجال الري والزراعة
وتحلية المياه، وفتح خطوط اتصال ومكاتب تجارية للتعاون الاقتصادي في مسقط وتل
أبيب، والعمل كواسطة خير من أجل تعميق العلاقات العربية الاسرائيلية.
يتضح إذن
من العرض السابق أن الموقف الخليجى العام من قضية التطبيع مع إسرائيل يتسم
بالتناقض الشديد بين المعلن والخفي، إذ في الوقت الذي تنفى فيه هذه الحكومات تطبيع
العلاقات مع إسرائيل، نجد أن الواقع يعكس وجود علاقات اقتصادية قوية بين الأنظمة
الخليجية وإسرائيل، إرضاء للحليف الأمريكي، الذي يضغط على الجميع من أجل إقامة
علاقات اقتصادية كاملة مع إسرائيل، حتى لو كان ذلك على حساب العلاقات العربية ـ
العربية، وثوابت شعوب المنطقة
المصدر : خاص
شؤون خليجية
******
’’مراكش
تايمز’’ منبر
لمن لا منبر له, و صوت لمن لا صوت له, و ظل لمن لا ظل له, موقع الدراويش و الله
الموفق و السلام عليكم
ذ محمد كوحلال كاتب مدون ناشط حقوقي
مستقل مراكش المملكة المغربية
للاتصال :

No comments:
Post a Comment