محمد أمين امين
بلا مقدمات وبينما كانت رياح التغيير تهب قادمة من تونس بلد الشاعر العربي الكبير أبو القاسم الشابي صاحب البيت الشعري الشهير الذي يدعو فيه الى حرية الشعوب
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
وبينما مازال صدى شعار الشعب يريد أن ينبعث من هناك وبدا يتردد بمصر وأصبح ذكرى كل لسان شباب فتيان بل حتى الشيوخ الدين تربوا واعترفوا أنهم تمت تنشئتهم على الخوف والطاعة وانه ليس هناك شيء اسمه الحرية لكن مع عصر السرعة وسهولة شيوع الفكرة وتنقل المعلومة تأكد لشباب مصر أنهم ضحايا مخطط اسمه التهميش والتبعية فما كان منهم إلا أن وحدوا صفوفهم بمساعدة كل الوسائل المتاحة لأجل نفض الغبار ورسم قطيعة مع مضيهم القريب والإطلالة على مستقبل جديد حتى وان كان رهين المجهول لكن ورغم دلك فايا كانت النتائج القريبة أو البعيدة فإن الثورة قد انتصرت والباقي تفاصيل ستحقق بإرادة الله تعالى وبعزيمة شباب الثورة ان شاء الله بعد ان انتصرت الثورة التي اعتبرها أرقى وأنقى ثورة مرة عبر التاريخ ليس فقط المصري لكن قد لا أكون مبالغا إن صنفتها وجعلتها أعظم من الثورة الفرنسة بل وحتى الروسية والارانية فتحية لكل من ساهم من قريب أو بعيد في تحقيق هدا الانجاز من هنا افتتح هدا المقال التوضيحي الذي أريد من خلاله التطرق لمجموعة من الأمور التي ساعدت وساهمة بشكل كبير في نجاح الثورة المصرية فرغم طبيعة النظام المصري العميل والدي وضعه اغلب المتتبعين للأوضاع السياسية في بلداننا العربية على انه سيكون آخر الأنظمة التي ستسقط بل وضع احدهم فرضية تقول (أيهما أهون جمهورية مصر أو مملكة ) هدا لم يأتي من عبت بل من دراسة ومعرفة لدور المصري الفعال في المنطقة وطبيعة العلاقات الدولية هناك بل ان اكبر المتفائلين بالثورة لم يكن يتوقع ان تأتي على مبارك وتجر البساط من تحت أقدامه وتهوي به إلى الأرض بهده الطريقة الغريبة لكن أين تكمن الغرابة في هده الطريقة ؟.
هنا تكمن حرفية قيادي هده الثورة وعقلانية شباب 25 يناير الذين قاوموا الظلم والفساد وحاربوا الاستبداد بطرق فنية لم تدع أمام مبارك مجال لتفكير اكتر وترتيب أوراقه من جديد فقد قام الشباب المصري بدراسة شاملة ودقيقة لكل الجوانب التي سيعملون عليها فدرسوا وخططوا وكأنهم سيواجهون عدوا في حرب وكان الأمر كذلك ان على علم ان الجميع كان يريد أن يعرف ويبحث لأجل أن يعرف كيف نجح شباب مصر في إنجاح ثورتهم أنا مثلكم بحثت لأجل أن اعرف وعندما عرفت أحبت ان أعطيكم درسا في التخطيط استنتجته من خلال هده الثورة المباركة فقد كان شباب الثورة جدين كثيرا وعازمين على إنجاح مشروعهم الثوري فما كان منهم إلى أن سارعوا دون أن يتسرعوا فقاموا بقراءة شاملة للواقع المصري
فقد كان لقراءة الواقع المصري والتمرد عليه ومحاولة الخروج منه من أهم العوامل التى ساعدت الثورة فهذا الواقع الذي شعر به كل أطراف وأطياف المجتمع أعطت زخما كبيرا للثورة أن تستمر وتتحدى الوقت وان تنتشر وتكسب أرضا جديدة كل يوم فالفساد والفقر والمرض والظلم كلها عوامل حركت الجميع في اتجاه واحد
بعد دلك وصل الشباب إلى مرحلة تحديد الأهداف أو بمفهوم آخر الغاية من الثورة فقد ساعد تحديد الأهداف على نجاح الثورة حيث توحدت الجهود كلها تجاه الهدف المعلن وهو الشعب يريد إسقاط النظام أشخاصا وقيادات وقد حاول النظام الالتفاف على هذا الهدف ولكن وضوحه وفاعليته وإصرار الشعب على تحقيق الهدف
فعندما عرف وعرف الشباب بالغاية من الثورة بدا بالبحت عن الوسيلة فكانت الوسيلة فعالة وهى الوسيلة المشروعة حق التظاهر السلمي حيث احتشد الجميع فى ميدان التحرير ولم تستغل وسيلة أخرى كان من الممكن أن توقع الثورة في مشاكل عديدة وبالتوازي مع ميدان التحرير كانت المظاهرات السلمية فى المحافظات أيضا ولم يقف الشباب المصري عند هدا الحد بل وعى جيدا على انه مضطر إلى عدم فتح جبهات أخرى قد تعطل مسار الهدف
فكان حرص الثوار من أول يوم على تحديد عدو واحد هو المقصود بهذه الثورة وهو النظام وفقط فليس للثورة حسابات أخرى تريد تصفيتها ولذا عندما نزل الجيش حرصت الثورة على تأكيد العلاقة الحميمة بين الشعب والجيش ووضع الجيش الى جوار الشعب على طول الثورة وهو ما ساعد على نجاح الثورة فالجيش والشعب يد واحدة هتاف كان له مفعول السحر على مسامع الجنود والضباط بعد دلك ظهرت قدرة الشعب ككل بالإصرار والعزيمة على تحقيق الأهداف وهو ما ساعد الثورة على الاستمرار فقد راهن النظام على الوقت فى مرحلة عض الأصابع وخرجت المقولات التي تقول إذا كان النظام عنيد فنحن أساتذة في الصبر بمعنى ان كل واحد أراد الرهان على الوقت ومع الخطابات التي تستدر عطف الناس وبدا يلوح في الأفق ما هو انشقاق في صفوف الثورة سرعان ما تلاشى وعادت اللحمة مرة أخرى إلى الصفوف حتى تحقق النصر فتجمع المجتمع المصري وانصهار وكأنه كتلة واحدة وهذا أروع مثل على صورة المصريين وقت الشدة تذوب بينهم الفوارق مهما كانت هذه الفوارق فرأينا الفتنة الطائفية التي كان يخوف بها النظام الشعب وقد تلاشت تماما فرأينا المسلم والمسيحي يد بيد ورأينا رجال الأزهر ورجال الكنيسة يد بيد ورأينا كيف اختلطت الدماء يبعضها لترسم أغلا صفة في دفتر أحوال الوطن كما رأينا فرفاء الأمس من كل الطوائف السياسية التي طالما تناحرت وقد وقفت صفا واحدا هتافها واحد وندائها واحد الشعب يريد إسقاط النظام ولم يقف المصرين على هدا الحد بل قاموا بتقديم كل التضحيات ألازمة كان من أكثر المعوقات التي وقفت في طريق هذه الثورة قديما هو عدم مقدرة الجيل على تقديم تضحيات وعندما جاء الجيل الذي قدم التضحيات نجحت الثورة لان الباطل لن يتخلى عن باطله مجانا والحرية لا توهب إلى الشعوب مجانا ولكن لابد لها من تضحيات و أغلى تضحية هى بالنفس فمع تساقط الشهداء كان النصر اقرب وروت الدماء الزكية شجرة الحرية حتى سقط النظام الفاجر المستبد عميل إسرائيل وكان أحرى به أن يحقن دماء أبناء وطنه الذين استعبدهم ثلاثون عاما ولكنه خس الطباع سيئ الأخلاق أراق كل تلك الدماء فتحية لمن بقي حيا ورحم الله من استشهد هكذا صممت الثورة المصرية و أعود لأذكر بان الثورة المصرية كانت ارقي وأعظم ثورة على الإطلاق وأظن على أنها ستبقى كذلك حتى إشعار آخر فحتى لو سقطت إحدى الملكيات العربية فلا لوم على صاحب فرضية أول المقال لكن يبقى اللوم كل اللوم على أقنان تلك البلدان هدا إن حدت دلك طبعا .
الحاجب / المغرب
No comments:
Post a Comment