البنعليون الجدد بيننا
أحمد نجيم
السبت 30 يوليوز 2011
فر الديكتاتور التونسي زين العابدين بنعلي صاغرا من بلده مذلولا بعد ثورة شعب على نظامه، لكن لا تزال بعض الأجهزة تهتدي بهديه حتى في بلدنا المغرب وتحن إلى أساليبه التي انتهكت الحقوق والحريات لسنوات جعلت معه شعبا بكامله تحت سلطة وجبروت التسلط الأمني والتقاريرالمزيفة لبعض الأجهزة السرية والعلنية.
في بلدنا المغرب، تسلط بعض العقليات بالأجهزة شبيه بأجهزة بنعلي، وتعتمد بدورها على اختلاق أخبار زائفة ونسبتها إلى مواطنين شرفاء بغرض النيل من كرامتهم والإساءة لسمعتهم ونشرها في مواقع وصحف، مركزة على الحياة الشخصية لكل من اعتقدت نفوسهم المريضة أنهم يختلفون معهم في الرأي والقناعات وينتقدون أساليبهم التي لا تمت بما يعيشه المغرب من مناخ ديمقراطي بصلة وضدا على ما دعا اليه تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة وأيضا دستور المملكة الجديد الذي أشار إلى الحريات الفردية.
طيلة سنوات خلت ارتبطت أجهزة الأمن في ذهن المغاربة بانتهاك الحريات وخرق القانون وليس بتوفير الأمن والآمان للناس، بإرهابهم وابتزازهم وبث الرعب في قلوبهم والتنكيل بهم وتلفيق التهم وفبركة المحاضر وسوقهم إلى المعتقلات السرية أحيانا كثيرة، بناء على معلومات كاذبة أو وشاية مغرضة أو انتقام لأسباب شخصية لا علاقة لها بالمزاعم التي عوقبوا أو أدينوا بسببها. فقد كانت تلك الأجهزة الأمنية تنظر إلى المغاربة كأنهم متآمرين دائما على النظام وأن لا حق لهم في ابداء الرأي، وكل ما كان ينقصها هو جمع أدلة الاتهام لتقديمهم للمحاكمة، لكن الآن فكل صوت مخالف ولا يسير في فلكها يكون جزاؤه تشويه سمعته وصورته في المواقع والجرائد التابعة لها. ولا تزال بعض الأجهزة تعتقد أن بامكانها أن تفعل ما تشاء ووقتما تشاء وتحشر أنفها في الحياة العامة والخاصة دون حسيب ولا رقيب بدعوى الحفاظ على أمن البلاد وأن الساهر والضامن لاستقراره، وأن بمقدروها أن تعيد عقارب الساعة إلى الماضي الأليم الذي سعى كل الديمقراطيين ومعهم أعلى سلطة بالبلاد إلى طي تلك الصفحة المظلمة من تاريخ وطننا السياسي والتطلع لمستقبل يتمتع فيه الجميع بالمواطنة الحقة في ظل ملك حرص بدوره أن يتمتع بذات حق المواطنة حين أعلن أن القداسة لله وحده. لكن تلك الأجهزة لا تزال تسيء للعهد الجديد وترفض أن تتخلى عن منهجيتها القديمة مسيئة بذلك لكل المكتسبات الديمقراطية التي راكمها الشعب المغربي بدخوله عهد الملكية المواطنة والشعب المواطن. مع المدرسة البنعلية الجديدة لا مقارعة للحجة بالحجة والفكرة بالفكرة، إذا انتقدتهم أخرجوا نفس الأسلحة التي كان يخرجها نظام بنعلي وهي نشر أكاذيب عن الحياة الشخصية، وقد يصل الأمر إلى نشر صور وفيديوهات كما حدث مع بعض قياديات "العدل والإحسان" وقبله مع قياديي 20 فبراير ومع بعض الشخصيات العمومية.
نفس التهم جاهزة "الشذوذ" و"العمالة للخارج" و"معارضة النظام الملكي" و"الإفطار العلني في رمضان" أو الإنتماء للبوليزاريو وقس على ذلك من تهم أثبتت عجز بعض الجهات عن مسايرة التطور الذي يعيشه المغرب، وأنه لا يمكنها العيش إلا في الماء العكر لأنها كائنات لا تستسيغ أن تطبق على أرض الواقع شعارات المفهوم الجديد للسلطة ولا الحكامة الأمنية ولا كل فصول الدستور الجديد أو ميثاق الحقوق والحريات. أعرف أن تلك الأجهزة ستحرك أناسها كما فعلت في عمود "المغرب الخائف" وستلجأ إلى نفس الأساليب، لكن هذا لا يخيفنا في "كود" التي اعتاد طاقمها منذ "نيشان" على هذه الحروب القذرة، أكسبته مناعة لا يمكن أن تتيح الفرصة لكل لوبيات العهد القديم أن تحقق أغراضها مهما كانت الأسلحة التي التجأت إليها بعد أن فشلت في تطويع كل الأصوات الحية ببلادنا.
لا يوجد في المغرب "جيوب مقاومة الإصلاح" بل "كهوف" لمقاومة كل إصلاح. بطبعي المتفائل أرى أن هناك أمل في القضاء على تلك العقلية البنعلية في المغرب، عبر مقاومتها وعبر فضحها وعبر عدم السكوت على ما تقوم به وتروجه، بل واسقاطها من الإستمرار في مناصب المسؤولية حتى لا تسيئ لعهد ربط المسؤولية بالمحاسبة واحترام المواطن وحقه في التعبير عن أفكاره وآرائه.
والمؤشرات على هذا الأمل، هو أن هذا الاتجاه البنعلي ليس سياسة عامة متبعة من قبل النظام، بل تقتصر على عدد محدود من المنتمين لبعض الأجهزة الأمنية لم تصلهم بعد نسائم الحرية، كما أن للمغرب مجتمع مدني حي ومناضلون في أحزاب وجمعيات حقوقية ونقابية قادرون على فضح هذه الممارسات، وأيضا صحافة حرة قادرة على فضح النوايا الحقيقية لتلك الجهات التي أشهرت آخر أوراقها بعد أن خاب أملها في مواصلة نهجها المؤسف عليه واقتراب موعد محاسبتها.
يظهر في هذه الفترة أن الاتجاه البنعلي طغى واستكبر وشوه النظام السياسي المغربي من خلال لجوئه إلى أساليب قذرة لم يلجأ إليها حتى أوفقير والبصري، لكن سيكون مصير المتشبعين بالفكر البنعلي وأذبابهم نفس مصير الرئيس التونسي. ولن يصبحوا من التاريخ فقط بل من مزبلة التاريخ. و"كود" وغيرها من الصحف والمجلات ستستمر في الدفاع عن قناعاتها. ستستمر في فضح أساليب تلك الأجهزة وإن كان عهدها قد ولى ولا مكان لها في مغرب اليوم، ولذلك نقول لهم بالعلالي «سيرو بحالكم .. مغرب الحداثة والديمقراطية ماشي ديالكم»...
*********
روابط هامة
موقع خاص ذ محمد كوحلال ’’العنكبوت ’’ موقع لبناني يطل من سيدني / استراليا
موقع ذ محمد كوحلال / الحوار المتمدن / العراق
موقع ذ كوحلال / عرب تايمز / امريكا
بريد خونا كوحلال
Khllmouhamed8@gmail.com
التينيفو
0663575438

No comments:
Post a Comment