Tuesday, January 12, 2016

الجزائر أرض عصية على البغدادي وهكذا صدّ الأمـــــــن مخطّطاته

تصنّف أغلب التقارير العالمية ومكاتب الدراسات الاستراتيجية الجزائر ضمن أقل الدول تهديدا بالإرهاب، خصوصا من قبل ما يسمى بتنظيم  الدولة الإسلامية  أو ما يعرف بـ داعش ، وقد فشل التنظيم في إدماج جزائريّين في صفوفه، عدا بعض الأشخاص أو الإرهابيّين الذين انتقلوا من العراق والذين قاتلوا إلى جانب تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الذي كان يتزعّمه  الرزقاوي  الذي تمّ القضاء عليه في الفلوجة من قبل الأمريكان. 

 راهن تنظيم  داعش  في استمالة الجزائريّين للانضمام إلى صفوفه، على بقايا الإرهابيّين الجزائريّين، خصوصا بقايا ما يسمى بتنظيم  قاعدة الإسلام في المغرب العربي  والتي يتزعّمها عبد المالك درودكال، كما راهن أيضا على تنظيم المرابطين الذي يتزّعمه بن لادن الصحراء  مختار بلمختار ، منفّذ أغلب العمليات الإرهابية النوعية في دول الساحل. وهذا الأمر دفع بقادة  تنظيم الدولة  الذي يتزعّمه أبو بكر البغدادي إلى البحث عن بدائل ومحاولة إدماج منشقّين عن التنظيمين، وتأسيس فرع لخلافته المزعومة. 
جند الخلافة .. النهاية مع البداية
لم يُعرف فرع المغرب العربي لـ تنظيم الدولة  المعروف بتنظيم  داعش  كثيرا، فكانت نهايته مثل محاولة البداية، وتمكّنت مصالح الأمن الجزائرية من تفكيك هذا التنظيم في بدايته الأولى، وقد تمّ تأسيس هذه الجماعة على أنقاض تنظيم درودكال الإرهابي، وحاولت إدماج أكبر عدد من العناصر في صفوفها، وقد تكونّت من عناصر من كتائب الوسط في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامية، وأشارت التقارير أنّ عدد عناصرها تراوح بين 20 و30 عنصرا، وقد أظهرت التسجيلات المرئية أنّ عددا من الإرهابيّين لا يتعدى 20، منهم مفتي التنظيم المدعو  عثمان العاصمي  الذي تبنّى في سبتمبر 2014 اختطاف الفرنسي هارفي غوردال، وضمّت الجماعة  إرهابيّين عملوا تحت قيادة إمارة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لسنوات طويلة. 
وقاد عبد المالك قوري هذا التنظيم الجديد، لكن عملية اختطاف غوردال، عجّلت بنهايته بحيث قامت وحدات خاصة للأمن من تفكيكه والقضاء على أغلب عناصره، في مطاردات انتهت منتصف شهر سبتمبر 2014، وتمّ تصفية أمير التنظيم عبد المالك قوري نهاية 2014 . 
وبالقضاء على هذه المجموعة التي كانت نهايتها تشابه بدايتها، حاول التنظيم الإرهابي العالمي المسمى  داعش  استعمال وسائل أخرى، كتلك التي استعملها لتجنيد إرهابيّين في أوروبا ودول الشرق الأوسط ومسلمو آسيا، بالإغراء بالمادي، علما أنّ  داعش  يمتلك أموالا ضخمة، جراء المتاجرة ببترول العراق وسوريا، وبمباركة تركيا، وكذا بتسجيلات فيديو تظهر البغدادي بمثابة الرجل المنقذ للعالم الإسلامي والذي سيعود بهم إلى أجواء الخلافة الإسلامية الموعودة، وهذه المرة حاول التنظيم استعمال التجنيد التكنولوجي.
التجنيد الإلكتروني عبر  الفايسبوك  و التويتر .. والأمن بالمرصاد
باءت أغلب محاولات التنظيم الإرهابي العالمي في تجنيد الجزائريين بالفشل، بسبب التقنيات والوسائل التكنولوجية الحديثة التي تحوز عليها مصالح الأمن الجزائرية، وهي تقنيات زوّدت بها من قبل الأمريكان في بداية التسعينات، وتمكّنت بفضلها من اختراق الحسابات البريدية لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وقد تمكنت مصالح الأمن من فكّ شفرات الرسائل المتبادلة، باستعمال نظام تكنولوجي حديث، طوّره ضباط جزائريون، موازاة مع رفع مستوى الحرب المعلوماتية عبر الإنترنت، في مواجهة الجريمة الإلكترونية، ما سمح بإفشال عديد المخطّطات والهجمات، ولعب خبراء مصالح الاستعلامات للجيش الوطني الشعبي دورا بارزا في مراقبة منتديات ومواقع الإرهاب عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، خصوصا  الفايسبوك ، كما راقبت أيضا جميع الاتصالات الهاتفية أو عبر الإنترنت، فيما يخصّ الشكوك عن محاولات   داعش  في التجنيد.
وبحسب دراسة أمنية فإنّ الجزائريين يديرون ظهرهم لتنظيم  داعش ، كونه يذكّرهم بالعشرية السوداء لتسعينات القرن الماضي، وأنّ المجازر التي يرتكبها  داعش  في سوريا والعراق هي المجازر المروعة ذاتها والجرائم التي ارتكبتها مجموعات  الجيا   و الميا  و الأيياس ، خلال سنوات الأزمة الأمنية في البلاد.
وأمام تنامي النشاط الإرهابي في المنطقة، اعتمدت الحكومة مخططا أمنيا جديدا يعتمد بالأساس على التنسيق بين عدة وزارات، هي الداخلية والدفاع والعدل والخارجية والبريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وترقية التنسيق والتعاون بين مختلف دول المنطقة.
 التنظيم يراهن على تونس وليبيا للمرور إلى الجزائر
رغم تحوّل ليبيا وتونس إلى ما يشبه أحد الممرات لهذا التنظيم نحو الجزائر، إلا أنّ محاولاته في اختراق الطوق الأمني في الجزائر باءت بالفشل، وقد ضبطت مصالح الأمن مراسلات، بين الناطق الرسمي باسم تنظيم  داعش  أبو محمد العدناني، وأبو عائشة التونسي  مسعود سقام ، وهو أحد قادة كتيبة عقبة بن نافع، وكذا بيّن أبو محمد العدناني من جهة وقياديّين في جماعة  أنصار الشريعة ، عبر رسائل مشفرة للتحضير  لنقل مئات الإرهابيّين المدرّبين جيدا في جبال تونس القادمين من العراق وسوريا وليبيا، نحو الجزائر.
وتهدف العملية، حسب مصدر أمني، إلى إلهاء الجيوش وأجهزة الأمن الغربية (التحالف الدولي) في جبهة ثانوية لتخفيف الضغط عن القوات الرئيسية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، والتي تتعرض لعمليات قصف جوية مستمرة من قبل التحالف الدولي، ويسعى التنظيم الإرهابي لتنفيذ عمليات إرهابية استعراضية، غير أنّ مصالح الأمن الجزائرية، كانت بالمرصاد وتمكّنت من مواجهة عمليات نزوح واسعة لمئات الإرهابيّين التونسيّين والأجانب من العراق وسوريا وليبيا وباقي أنحاء العالم، استجابة  لدعوة سرية أصدرها الناطق الرسمي باسم  داعش  المدعو أبو محمد العدناني.
وتمكّنت الجزائر من صد جميع محاولات  داعش  لاختراق التراب الوطني وصدّ أي تهديد محتمل، خاصة بسبب سياسة المراقبة التي فرضتها مصالح الأمن على الجزائريّين العائدين من صفوف التنظيم الإرهابي بسوريا إلى الجزائر، وأيضا مع ورود معلومات حول رغبة  داعش  في إرسال المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق إلى دولهم الأصلية لتنشيط  الجهاد ، أي  العمل الإرهابي ، وتحقيق مخطط التمدد الذي أعلن عنه الخليفة المزعوم للتنظيم الإرهابي أبو بكر البغدادي في آخر تسجيل صوتي له، الذي أعلن خلاله التمدد نحو الجزائر.
 مطارات الجزائر .. داعش قف
وقد تطرّقت  المحور اليومي  في أحد أعدادها السابقة إلى قيام السلطات الأمنية بتعزيز عملية مراقبة كل المغتربين القادمين إلى الجزائر، في إطار قضاء العطلة الصيفية في وطنهم، بعد حصول الأمن الجزائري على قائمة أسماء لمواطنين فرنسيين من أصول جزائرية، مرشّحين للالتحاق بصفوف تنظيم داعش الإرهابي في تونس، التي بدأت تتأسّس فيها نواة خلية تابعة للتنظيم الإرهابي لدولة الخلافة. وقد تسلّمت مصالح الأمن الجزائري، في إطار التعاون مع نظيرتها الفرنسية ودول أوروبية أخرى، قائمة بأسماء فرنسيين من أصول جزائرية، بعضهم انضمّوا للقتال في صفوف المجموعات الإرهابية في سوريا، وآخرون تلقوا تدريبات ضمن بعض المجموعات الإرهابية في سوريا، وآخرون في تركيا، والتي عادوا منها قبل أسابيع فقط، ويكون هؤلاء الشباب الذين تترواح أعمارهم بين 20 و35 عاما قد أبدوا نيتهم في الالتحاق بتنظيم داعش أو تلقوا أوامر لذلك.
ويتابع ضباط متمرّسون عمليات مراقبة هؤلاء عبر مطارات الجزائر وحتى الموانئ والنقاط الحدودية، تحسّبا لقدوم أحد هؤلاء إلى الجزائر، علما أن تونس قد تلقّت أيضا معلومات في هذا الشأن. وكانت تقارير أمنية قد أشارت إلى سعي من قبل بقايا كتائب إرهابية من الجزائر وتونس حتى من ليبيا، لتأسيس إمارة جديدة تابعة لتنظيم داعش، بالقرب من حدودنا الشرقية، وهو ما دفع بالسلطات الأمنية بين البلدين لتكثيف وتنسيق التعاون الأمني فيما بينهم، وانضمّت ليبيا لهذا التحالف. وأشارت تحقيقات قامت بها خلية متكوّنة من ضباط جزائريين وفرنسيين، كشفت عن وجود تحركات مشبوهة لعناصر جماعة إرهابية، تبحث عن تأسيس خلية لداعش، على حدودنا الشرقية مع تونس، وبدأت هذه الاتصالات في فرنسا، حيث تعيش هناك أعداد كبيرة من الجالية المغاربية، وعقد هؤلاء عدة لقاءات، كما أشارت المعلومات أنّ هذه الخلية لها امتدادات بالجزائر عن طريق الإنترنت.
ياسمين بوعلي

No comments:

Post a Comment