Thursday, May 28, 2015

حتى لا تأخذنا السطوة الإعلامية: 5 عوامل لماذا «داعش» ما يزال قوة قتالية ماهرة وليس «دولة»



 خلّف تقدم داعش السريع والواسع خلال الأسبوع الماضي في العراق وسوريا، ضجّة هائلة من التكهنات والتحليلات وردود الفعل العربية والعالمية، حيث اعتبرَ البعض أن التنظيم أصبح أكثر من أيّ وقت مضى قريبًا من تحقيق مخططه في إنشاء “دولة الخلافة الإسلامية” على أراضي الشرق الأوسط، وذهبَ البعض إلى حدّ أنه علينا أن نترقّب رؤية الشكل الجديد للمنطقة وحدودها التي سترِثً حدود “سايكس- بيكو”.

كيف تحقق “داعش” مكاسبها واختراقاتها في الدولتين العراقية والسورية؟ وما هي آليّة عملها؟ وهل تحمل تلك التنبؤات وجهًا من الصحة داخلها؟
حجم سيطرة داعش على الأراضي
ورد في صحيفة “الجارديان” البريطانية أن تنظيم داعش أصبح يسيطر على أكثر من 95000 كم مربع من سوريا بعد استيلائه على مدينة تدمر، أي ما يزيد على نصف مساحة الدولة السورية.
لكن “أرمين روسن” الكاتب في الـ”بزنس إنسايدر” يعتبر أن “مزاعم وسائل الإعلام المبالغة في تقدير حجم سيطرة داعش على الأراضي تحجب إمكانية رؤية كيف ولماذا كانت المجموعة ناجحة حتى الآن، وبالتالي، كيف يمكن هزيمتها في نهاية المطاف؟”.
ووفقًا له فإن داعش لا تسيطر حقًّا على نصف سوريا، مستشهدًا بخرائط نشرها معهد دراسات الحرب، والتي توضح أن قوات داعش تتواجد بشكل أساسي في مناطق رئيسة من الممكن الدفاع عنها فقط (وهي المناطق السوداء في الخريطة)، وهذه المناطق معزولة داخل مئات الأميال المربعة من الصحراء، حيث تحافظ المجموعة الجهادية والقوات المسلحة الأخرى على درجة معينة من القدرة التشغيلية.
المصدر: بزنس إنسايدر
وتؤيده “جنيفر كافريلا”، محللة النزاع السوري في معهد دراسات الحرب: “من المرجح أن مقاتلي داعش يتمركزون في التضاريس الرئيسة التي يمكن الدفاع عنها”. وأوضحت المحللة أن داعش تركز جهودها وقواها العاملة في المناطق المأهولة بالسكان والإستراتيجية على طول نهر الفرات.
وتؤكد كافريلا على أن “لا أحد مهتم حقًّا، أو مسيطر تمامًا، على المناطق الصحراوية في شرق البلاد”. وتبقى هذه الصحراء بمثابة “تضاريس للمناورة تستخدمها كل القوات العسكرية”.
المصدر: معهد دراسات الحرب.
وعلى الجبهة العراقية يحقق تنظيم “داعش” مكاسب أكثر أهميّة، فسيطرته على مدينة الرمادي هذا الأسبوع جعلته على بُعد 70 ميلا فقط من العاصمة العراقية بغداد، بالإضافة إلى خضوع أهم مراكز محافظة “الأنبار” –الملوّنة بالأحمر في الخريطة أدناه – لسلطته، وهذا ثاني أكبر تقدّم مُقلِق لداعش، بعد سيطرته على مدينة الموصل منذ عام تقريبًا، بالإضافة إلى سيطرته على كامل الحدود السورية العراقية.
لكن التنظيم ليس قويّا كفاية بعد للتقدم للعاصمة بغداد، والتي تحوي قرابة الـ5 ملايين شيعي، ويكمن  الخطر في استخدامهم المدينة كنقطة انطلاق لحشد قواتهم وشنّ هجمات توقع عددًا هائلًا من الـضحايا.
كما تحمل السيطرة على “الرمادي” قوة دعائية ولوجستية، حيث يضفي استيلاؤهم على المدينة التي كانت محلّ صراع منذ الصيف الماضي، مصداقية على شعار التنظيم القائل باستمرار “التمدد” والتوسّع.
المصدر: بزنس إنسايدر, وتبدو محافظة الأنبار مظللة بالأحمر.
«داعش» يتعامل بعقليّة «السيطرة» لا «التأسيس»
على الرغم من أن أيديولوجية تنظيم “داعش” سنيّة قائمة على فكرة معاداة وتكفير المكون الشيعي بشكل رئيسي، تحت شعارات مُعلنة: إقامة الخلافة في العراق وسوريا، وحماية “المسلمين السنة” من “الحكومة الشيعية المركزية” في العراق ومن “النصيريين” في سوريا، إلا أنه حتى هذه اللحظة كانت معظم ضحايا وجوده من السنّة.
أظهر أعضاء تنظيم “داعش” منذ تشكله عام 2010 القليل من “ضبط النفس” في قتل “إخوانهم السنّة”، ويترافق كل استيلاء على منطقة جديدة مع عمليات قطع الرؤوس المتكررة والإعدامات لأبناء المدن المُسيطر عليها في العراق وسوريا، مثلما حصل مع أبناء العشائر السنية في “الرمادي”، والإعدامات الأخيرة بحقّ أبناء تدمر ودير الزور.
بالإضافة إلى حملات النزوح الهائلة من المدن التي يصل إليها التنظيم، ومن ذلك ما أوردته المفوضية العليا لحقوق الإنسان عن هجرة 190 ألف عراقي من محافظة الأنبار، زادَ عليهم أكثر من 133 ألف نازح خلّفتهم معركة الرمادي حسب المنظمة الدولية للهجرة في العراق.
تقوم سياسة التنظيم وتصرفاته بشكل عام على أساس الترهيب وفرض السلطة ولا يبدي أيّ اهتمام بكسب ودّ المقيمين تحت سيطرته، ويصل الأمر به في العديد من الأحيان إلى استخدام تجمعات المدنيين كـ”دروع مدنيّة” أو تعريضهم للخطر غير المبرر، مثل حالة غارة التحالف الجوية التي  أدت إلى مقتل أكثر من 50 سجينًا لدى داعش في مدينة الباب في ريف حلب السورية، وكانت أسباب حبسهم في هذه المنشأة المتوقّع استهدافها تتراوح بين التدخين، وارتداء الجينز أو التأخر عن صلاة العصر وغيرها مما يعتبره داعش انتهاكات للشريعة.
وهذه إحدى نقاط الاختلاف الرئيسية ما بين سياستيْ تنظيم “القاعدة” وتنظيم “داعش” في التعامل مع البيئة “الحاضنة”، حيث تشير توجيهات الظواهري إلى أن:
“نرى أن السلاح الأقوى الذي يتمتع به المجاهدون – بعد توفيق الله – هو الدعم الشعبي من جماعات المسلمين في العراق، والدول الإسلامية المحيطة بها”، بينما تُعلن “داعش” العداء المفتوح مع جبهة النصرة والعديد من فصائل الجيش الحر في سوريا والجماعات الناشطة المدنيّة وكلّ من يخالفها على الإطلاق.
بُنية التنظيم
تُبرز الوثائق المتعلقة بتنظيم داعش آليات عمل التنظيم من الداخل، وأبرزها في هذا السياق والوثائق التي كشفتها صحيفة “دير شبيغل” الألمانية، والتي وُجدَت في منزل “حجّي بكري” في تلّ رفعت بعد مقتله، ويُعدّ الرجل الثاني في داعش وعقيدًا سابقًا في المخابرات الجوية البعثية التابعة لصدّام حسين.
وتُبدي الوثائق أن السيطرة على شمال سوريا كانت جزءا من خطة محكمة أشرف عليها حجي بكر باستخدام تقنيات – بينها المراقبة والتجسس والقتل والخطف – تم صقلها في عهد الجهاز الأمني السابق.
كما تكشف عقلية هذا المخطّط عن بنية هرميّة تفصيلية تُناسِبُ منظمة “مافاياوية” “استخباراتية” لا يماثلها إلا وكالة مخابرات ستاسي الداخلية سيئة السمعة في شرق ألمانيا حسب وصف كريستوف رويتر.
تقوم خطة التنظيم على إرسال مهام تجسّس إلى المناطق المُستهدفة، يقوم هؤلاء الجواسيس بالحصول على جميع التفاصيل المتعلقة بهذه البلدات، وتبيّن أصغر الشقاقات وحتى التفاصيل المتعلقة ببعض الأشخاص مثل ميولهم الجنسية الشاذة أو ارتباطهم بعلاقة سرية أو “انتهاكاتهم السابقة للشريعة”، وذلك لاستخدام هذه المعلومات لابتزازهم لاحقًا.
بينما تقوم هيكليّة التنظيم التي رسمها حجّي بكر بالحبر السائل وبالتفصيل على الورق، على تسلسل قيادي هرمي يقوم فيه بالنهاية بتعيين أميرٍ لكل مجلس إقليمي، وأميرٍ آخر يشرف على بقية الأمراء في حال عدم قيامهم بمهامهم بشكل وافٍ، ومن ثم أمير للأمن يشرف على نوابه في المقاطعات المختلفة، والذين يتلقون بدورهم تقارير من رؤساء خلايا جاسوسية ضمن دوائر تصغر وتتخصص بحيث تغطي المستوى المحلّي كله، ويتحقق الهدف النهائي بأن يُراقب الجميع بعضهم في خطة استخباراتية بحتة.
 رجال نازحون من سنّة الرمادي بعد أن استولى التنظيم عليها.
استغلال الفوضى والاستقطاب الطائفي في العراق
شكّل العراق بيئة خصبة وجاهزة لنموّ وفعالية تنظيم “داعش”، إذ اتسمت سنواته الأخيرة بحالة شديدة من “الفرز المذهبي” المليء بالعنف والتطرف وتدخل القوى الخارجية في بنية البلاد.
يجد السنّة أنفسهم مخيّرين بشكل دائم ما بين الانتهاكات الواسعة لميليشيات “الحشد الشعبي” الشيعية العاملة بضوء أخضر من حكومة “حيدر العبادي” المركزية ذات الأغلبية الشيعية، والمتّهمة بتنفيذ أعمال انتقامية واسعة، وما بين تنظيم داعش الزاحف إلى مناطقهم، وتعتبر بعض الجهات السنّية أن العراق أصبح “مُحتلًا” من قبل “إيران” والمخطط الشيعي، مع حالة من الاضطهاد المتعدد الواقع على الأغلبية السنّة، حيث يُمنع لاجئوهم من اللجوء إلى العاصمة ويُطالبون بالحصول على كفيل لدخول مناطق من بلادهم.
ولذلك فإن السنة يرون في “الحشد الشعبي” الشيعي تهديدا كبيرا ليس أقل من تنظيم “داعش” السني.
وعلى الجهة المقابلة فإن الحكومة العراقية تقاعست طوال الوقت الماضي عن تسليح العشائر السنّية في الأنبار رغم عجزها عن حماية السنة وفرار العناصر التابعة لها في حالتيْ “الرمادي” و”الموصل”، كما تقلّ جدا نسبة إشراك السنّة في قوات الأمن وذلك منذ أن أصدر “بول بريمر” عام 2003 قرارًا بحلّ الجيش العراقي وتسريح آلاف من الضباط السنة.
بشكل عام ليس عند الحكومة العراقية استعداد الآن لإيجاد قوّة مقاومة سنية لأنها تشكل عامل تهديد أمام سلطة “العبادي”.
لقد أوجد العراق بتشرذمه وخلافاته وتناقضاته السياسيّة والميدانية وولاءاته المتباينة فرصة لا تضاهى لنموّ تنظيم أيديولوجي متماسك مثل تنظيم داعش.
 استعداد القوات العراقية في بيجي شمال تكريت لمجابهة “تنظيم داعش”.
استغلال حالة الحرب السوريّة
منذ أن ظهر “تنظيم داعش” في الساحة السوّرية والنظام السوري يسهّل وجوده ليعرض نفسه أمام المجتمع الدولي على أنه “أهون الشرّين”، ويظهر هذا جليًا بانسحابه السريع من مدينة “تدمر” ذات القيمة التاريخية العالية والتي أعادت إظهار “داعش” عالميًا بصفتها “العدوّ الأول” على حدّ تعبير الملك الأردني البارحة.
بدورِه، استغلّ تنظيم داعش الصراع السوري بشكل مطرد حيث هاجم المناطق الضعيفة والحرجة، وأبرزها ريف حلب ومناطق من دير الزور والتي كانت تقع في أيدي فصائل للجيش الحر، ومدينة “الرقّة” فور تحرّرها من قبضة الأسد لصالح قوات المعارضة، وريف حمص الشرقي تزامنًا مع سنة ونصف من الحصار والإنهاك.
وجد “تنظيم داعش” في سوريا بيئة سهلة الاختراق خلال خوضها حربًا مُستنزِفة للأطراف المعنية، ولم يتوّرع عن استغلال كل الفرص المتاحة له بشكل براغماتي يهدف إلى إنشاء “الأسطورة الداعشية” مهما تطلّب ذلك.
المصدر: ساسة بوسط
""
ننشر ما لا يقدر الآخرون على نشره، نبث ما لا يستطيع الآخرون بثه ننبذ الظلم و نعيد الحق للمقهور، وهذا هو هدف رسالتنا، نحن مظلة لمن احرقه حر الظلم.
 مهما كنا "مثاليين" سنجد حتما من يكرهنا حتى الملائكة تكرهها الشياطين
’’مراكش تايمز’’ منبر لمن لا منبر له, و صوت لمن لا صوت له, و ظل لمن لا ظل له, موقع الدراويش و الله الموفق و السلام عليكم.
ذ محمد كوحلال كاتب مدون ناشط حقوقي مستقل مراكش
للاتصال : Khllmed80@gmail.com

No comments:

Post a Comment